غزة بلا مساعدات منذ 45 يوماً.. الأمم المتحدة: أسوأ وضع إنساني منذ اندلاع الحرب
تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني: الفتات للبنان ومليارات الدولارات لإسرائيل؟

تناولت وسائل الإعلام أخيراً حدثين مهمّين في عالم التكنولوجيا والأمن السيبراني؛ الأول يتعلّق باستحواذ شركة "غوغل" على شركة Wiz الإسرائيلية التي لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات بصفقة قيمتها 32 مليار دولار، والثاني له بصمات لبنانية، ويتعلّق بتحديث شركة "أبل" لهواتف الـ iPhone بفضل فريق لبناني من شركة Semicolon، لمساهمتهم في الكشف عن واحدة من أخطر الثغرات الأمنية التي استدعت إصدار تحديث عاجل للنظام. كذلك أعلن الفريق اللبناني أخيراً إبلاغَه عمّا يزيد عن 3000 ثغرة أمنية في مختلف الشركات العالمية خلال الأعوام القليلة الماضية، مع عوائد مكافآت تخطّت المليون دولار، تقاضاها نتيجة مساهمته الفاعلة في حماية هذه الشركات.
السؤال، طالما أن لبنان لديه الموارد البشرية من أصحاب الاختصاص والكفاية، فلمَ يكتفي بالقشور ومردود مكافآت ببضعة دولارات، في حين أن إسرائيل تحصّل عشرات مليارات الدولارات من بيع شركة واحدة؟
يوضح الخبير في إدارة الاتصالات جبران الخوري لـ"النهار" بأن ثمة أسباباً تبدأ بالبنية التحتية المتقدّمة، ولا تنتهي بدعم مؤسّسات الدولة الإسرائيلية، إلا أن الصعود الصاروخي لشركة عمرها 5 سنوات استند بشكل أساسي على الأفراد المؤسسين من جهة، وعلى الاستثمار من خلال شركات رأس المال المغامر من جهة أخرى.
استثمرت هذه الشركات نحو 1,9 مليار دولار في شركة Wiz عبر جولات تمويل، قبل استحواذ شركة "غوغل" عليها مقابل 32 مليار دولار، علماً بأن الجولة الأولى في عام 2020 جمعت 100 مليون دولار من مستثمرين مثل Index Ventures، وSequoia Capital وInsight Partners، وCyberstarts.
الإمارات تدعم رأس المال المغامر
في لبنان، كما في الدول العربية، لدينا موارد البشرية ذات كفاءة عالية، إلا أن عامل الاستثمار ليس كافياً على صعيد العالم العربي ككلّ؛ وذلك على الرغم من أن قطاع رأس المال المغامر (Venture Capital) في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) شهد في العالم العربي نمواً ملحوظاً في الأعوام الأخيرة.
في الإمارات العربية المتحدة مثلاً، يشير الخوري إلى أن قطاع رأس المال المغامر يشهد نمواً سريعاً، خصوصاً في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مدفوعاً بسياسات حكومية داعمة. ومن أبرز صناديق الاستثمار الجريء في الدولة: Wamda Capital وMiddle East Venture Partners (MEVP) وBECO Capital.
أما في لبنان، فيسجّل بروز محاولة من مصرف لبنان، بوساطة التعميم ذي الرقم 331، الصادر في عام 2013، لدعم الشركات الناشئة، عبر تشجيع البنوك على الاستثمار فيها بضمانات جزئيّة. لكنه فشل بعد إنفاق 650 مليون دولار بسبب سوء الإدارة، وتوزيع الأموال على شركات غير مؤهّلة، وغياب العائدات، وتحوّل الدعم إلى نفقات تشغيلية غير مستدامة، والانهيار المالي، وعدم جذب استثمارات خارجية.
بيد أن المحاولة الأكثر جدية كانت من خلال اقتراح إنشاء مؤسّسة "الهيئة العربية للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات" على مستوى الدول العربية، بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، عبر آلية Venture Capital أو "رأس المال المغامر"؛ وهو تماماً ما استندت إليه الشركة الإسرائيلية. وهذا النوع من التمويل يقدم عادة لتشجيع قيام الشركات الناشئة أو المشاريع الصغيرة ذات الإمكانيات الواعدة.
مستوى عربي
يذكر خوري أن الدراسة انطلقت لإنشاء هذه الهيئة على مستوى الدول العربية من المديرية الإدارية في هيئة أوجيرو، في بداية عام 2016، وسرعان ما تبنّتها المديرية العامة للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات في العام عينه. وطرحت خلال اجتماعات الدورة العشرين لمجلس وزراء العرب للاتصالات والمعلومات، التي انعقدت في 27 و28 أيلول 2016 في قصر المؤتمرات في أبوظبي. تقدّم وزير الاتصالات اللبناني حينها باقتراح إنشاء "الهيئة العربية للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات" برأسمال قدره مليار دولار، استناداً إلى الدراسة. وبعد مناقشتها، حظي المشروع بموافقة مجلس وزراء العرب للاتصالات والمعلومات.
وكانت اللجنة الدائمة للاتصالات في جامعة الدول العربية قد استلمت هذه الدراسة، في فترة سابقة، من الوفد اللبناني برئاسة المهندس عبدالمنعم يوسف، المدير العام للاستثمار والصيانة/ رئيس هيئة أوجيرو آنذاك، خلال اجتماعاتها في القاهرة.
ناقشت اللجنة الاقتراح، وأصدرت بشأنه التوصيات الإيجابية اللازمة، ورفعت المشروع إلى المكتب التنفيذي الذي رفعه بدوره إلى مجلس وزراء العرب للاتصالات والمعلومات، خصوصاً أن هذا المشروع يهدف إلى استثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، والمساهمة في استقطاب المواهب الشابة والحدّ من هجرة الأدمغة.
ويأسف الخوري لكون المشروع لم يتابع من الجانب اللبناني لوضعه موضع التنفيذ، وذلك عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت في لبنان في تشرين الأول 2016، أي بعد شهر واحد فقط من موافقة مجلس وزراء العرب للاتصالات والمعلومات عليه.
ويعتبر أنه بعد مرور 9 سنوات، فإن لبنان والدول العربية بحاجة ماسة لهذا المشروع بالذات، بعد رفع رأسماله من مليار دولار إلى مئة مليار دولار، إذ يمكن تنفيذه بفاعلية وشفافية، ويتيح استثمار رؤوس الأموال العربية في شركات ناشئة تستند إلى اصحاب الاختصاص والمبدعين وتدر عائدات كبيرة للعالم العربي.
المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|